طرق فحص سرطان الثدي

طريقة عمل فحص سرطان الثدي: إجراءات وتوجهات طبية

يُعد سرطان الثدي واحدًا من أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء، وهو يشكل تهديدًا صحيًا عالميًا. يعزى ذلك إلى أهمية الكشف المبكر عن المرض، الذي يمكن أن يساعد في زيادة فرص الشفاء بشكل كبير. وبفضل التقدم الطبي والتقنيات الحديثة، أصبح هناك العديد من طرق فحص سرطان الثدي التي تتيح للنساء الكشف المبكر عن وجود الأورام في مرحلة مبكرة قبل أن تتطور إلى حالات متقدمة. يعتبر الفحص المبكر أحد الركائز الأساسية للوقاية من سرطان الثدي، حيث يُسهم في تقليل معدل الوفيات بشكل ملحوظ. يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على طرق فحص سرطان الثدي وأهمية هذه الفحوصات في الوقاية والعلاج.

أهمية فحص سرطان الثدي

تعتبر الوقاية من سرطان الثدي واحدة من أولويات الصحة العامة حول العالم. ومع تقدم الطب، أصبحت هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها الكشف المبكر عن المرض. يشمل فحص سرطان الثدي جميع الإجراءات التي يمكن من خلالها الكشف عن السرطان أو الأورام غير الطبيعية قبل أن تبدأ في التسبب بأعراض ظاهرة. إذ تشير الدراسات الطبية إلى أن النساء اللاتي يخضعن لفحص سرطان الثدي بانتظام، سواء كان ذلك عبر الفحص الذاتي أو الفحوصات الطبية، يتعرضن لفرص أكبر في التشخيص المبكر وبالتالي تحقيق علاج أكثر فعالية.

1. الفحص الذاتي للثدي

يعتبر الفحص الذاتي للثدي من الطرق البسيطة والفعالة التي يمكن أن تُجريها المرأة في المنزل لمراقبة أي تغيرات قد تطرأ على الثدي. يُنصح بإجراء هذا الفحص بشكل دوري كل شهر، حيث يساعد في اكتشاف أي كتل أو تغيرات في شكل وحجم الثدي.

كيفية إجراء الفحص الذاتي:

• المرحلة الأولى: الفحص البصري
  
  في البداية، ينبغي أن تنظر المرأة إلى ثدييها أمام مرآة كبيرة لتلاحظ أي تغيرات في الحجم أو الشكل أو اللون أو أي تغيرات في الحلمة. ينبغي أن يتم الفحص بعد إزالة الملابس، في وضعيات مختلفة، مثل الوقوف والجلوس. كما ينبغي ملاحظة أي تغير في البشرة أو وجود تقرحات.

• المرحلة الثانية: الفحص اليدوي
  
  يجب أن يتم هذا الفحص باستخدام أصابع اليد برفق أثناء الاستلقاء على الظهر أو الوقوف. تستخدم المرأة أطراف الأصابع للضغط على الثدي في محاولة لاكتشاف أي كتل غير طبيعية أو مناطق متموجة أو مؤلمة. يمكن إجراء الفحص باستخدام كلتا اليدين بالتناوب للبحث عن تغيرات متماثلة في كلا الثديين.

• المرحلة الثالثة: ملاحظة الحلمة
  
  يجب أن يتم التحقق من الحلمة بحثًا عن أي إفرازات غير طبيعية أو نزيف. كما ينبغي البحث عن أي تغييرات في شكل الحلمة أو تقرحات جلدية.

2. تصوير الثدي بالأشعة (الماموجرام)

يعتبر الماموجرام واحدًا من أكثر الطرق شيوعًا للكشف المبكر عن سرطان الثدي. يتم في هذا الفحص إجراء تصوير أشعة للثدي باستخدام جهاز خاص يُسمى جهاز الماموجرام، وهو يساعد في كشف الأورام الصغيرة التي قد تكون غير محسوسة باللمس.

أنواع الماموجرام:

• الماموجرام العادي: يتم خلاله تصوير الثديين باستخدام جهاز الأشعة السينية، حيث يتم ضغط الثدي بين لوحين زجاجيين للحصول على صور دقيقة. يمكن أن تساعد هذه الصور في الكشف عن الأورام الصغيرة أو التغيرات غير العادية في الأنسجة الثديية.

• الماموجرام ثلاثي الأبعاد (Tomosynthesis): هو نوع أحدث من الماموجرام يسمح بالحصول على صور ثلاثية الأبعاد للثدي، ما يعزز دقة الفحص ويقلل من احتمالات التشخيص الخاطئ.

متى يجب إجراء الماموجرام؟

توصي العديد من الجمعيات الطبية بأن تبدأ النساء في إجراء الماموجرام سنويًا أو كل عامين بداية من سن الأربعين، وخاصة إذا كان هناك تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي.

3. الفحص بالموجات فوق الصوتية (الألتراساوند)

يستخدم الفحص بالموجات فوق الصوتية في حالات معينة بعد الماموجرام أو الفحص السريري للكشف عن أي كتل في الثدي. يتم خلال هذا الفحص إرسال موجات صوتية عبر الجلد لتكوين صورة للأنسجة الداخلية للثدي، مما يساعد في تحديد ما إذا كانت الكتل التي تم اكتشافها هي كتل مملوءة بالسوائل (مثل الخراجات) أو كتل صلبة.

متى يتم استخدام الألتراساوند؟

• في حالة وجود كتل غير مفسرة في الماموجرام.

• عندما يكون الثدي كثيفًا ويصعب تحليله بواسطة الماموجرام.

• بعد اكتشاف تغيرات في شكل وحجم الثدي خلال الفحص الذاتي.

4. التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)

يُعتبر التصوير بالرنين المغناطيسي من التقنيات المتقدمة التي تستخدم لرؤية صورة دقيقة للثدي من خلال استخدام مجال مغناطيسي قوي وأمواج راديوية. يساعد هذا الفحص في الكشف عن الأورام الصغيرة جدًا التي قد لا تظهر في الماموجرام أو الألتراساوند، وخاصة في النساء ذوات الثدي الكثيف.

متى يُوصى به؟

• عندما تكون المرأة معرضة بشكل كبير لخطر الإصابة بسرطان الثدي، مثل وجود تاريخ عائلي قوي للمرض.

• في حالة اكتشاف كتل غير متوافقة مع الفحوصات الأخرى.

5. الخزعة

إذا تم اكتشاف كتلة في الثدي من خلال أي من الفحوصات السابقة، فقد يوصي الطبيب بإجراء خزعة للأنسجة. خلال هذه العملية، يتم أخذ عينة من الأنسجة المشبوهة لتحليلها في المختبر. تعتبر الخزعة الطريقة الوحيدة المؤكدة للتأكد من ما إذا كانت الكتلة سرطانية أم لا.

أنواع الخزعات:

• الخزعة بالإبرة الرفيعة: تُستخدم إبرة رفيعة لسحب عينة من الأنسجة.

• الخزعة بالإبرة الجوفاء: تستخدم إبرة أكبر لسحب أنسجة أكثر.

• الخزعة الجراحية: يتم إزالة الكتلة بشكل كامل خلال عملية جراحية في حال كانت الكتلة كبيرة أو يصعب الوصول إليها.

6. الفحص الجيني

في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب بإجراء فحص جيني للأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي من سرطان الثدي. يتم من خلال هذا الفحص تحديد الطفرات الجينية التي قد تزيد من خطر الإصابة بالمرض، مثل طفرات جينيتي BRCA1 و BRCA2. يساعد هذا الفحص في تحديد النساء اللواتي يحتمل أن يكنَّ في خطر مرتفع للإصابة بسرطان الثدي، مما يمكّنهن من اتخاذ قرارات وقائية مثل الجراحة الاستباقية أو زيادة وتيرة الفحوصات الدورية.

التوجهات الحديثة في فحص سرطان الثدي

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن فحص سرطان الثدي لا يقتصر فقط على الكشف المبكر، بل يمتد أيضًا ليشمل الوقاية والحد من المخاطر. بعض التطورات الحديثة في هذا المجال تشمل:

• الذكاء الاصطناعي (AI) في تحليل الماموجرامات: أصبح الذكاء الاصطناعي أحد الأدوات الهامة في تعزيز دقة الماموجرامات، حيث يمكن استخدامه لتحليل الصور بسرعة وكفاءة أكبر، وتحديد الأنماط التي قد يغفل عنها الطبيب البشري.

• الفحوصات الجينية المتقدمة: تقدم الفحوصات الجينية اليوم معلومات دقيقة حول الطفرات الجينية التي تزيد من خطر الإصابة بالسرطان، مما يساعد في اتخاذ قرارات استباقية بشأن الوقاية.

الخاتمة

يُعد فحص سرطان الثدي خطوة أساسية في الكشف المبكر عن المرض، ويمكن أن يسهم بشكل كبير في تقليل الوفيات الناتجة عن السرطان. تعتمد فعالية الفحص على الأساليب المتبعة، والالتزام بالجدول الزمني المناسب للفحوصات، خاصة بالنسبة للنساء المعرضات لخطر مرتفع. الفحوصات التقليدية مثل الماموجرام والفحوصات الحديثة مثل الرنين المغناطيسي والخزعة، جميعها تشكل حجر الزاوية للكشف المبكر عن سرطان الثدي والوقاية منه.